الأرز الأطلسي الآسر

Read this post in الإنجليزية

الأرز‭ ‬الأطلسي‭ ‬الآسر

تتحدث‭ ‬بيرينجير‭ ‬بوجاريل،‭ ‬صانعة‭ ‬العطور‭ ‬في‭ ‬تكنيكوفلور،‭ ‬عن‭ ‬جمال‭ ‬الأرز‭ ‬الأطلسي‭ ‬وكيف‭ ‬يمثل‭ ‬مكونا‭ ‬رئيسيا‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬العطور‭ ‬الرائعة‭.‬

ولدت‭ ‬بيرينجير‭ ‬في‭ ‬جنوبي‭ ‬فرنسا‭ ‬ونشأت‭ ‬وسط‭ ‬طبيعة‭ ‬فريدة،‭ ‬حيث‭ ‬أصبحت‭ ‬الأعشاب‭ ‬العاطرة،‭ ‬أشجار‭ ‬الصنوبر‭ ‬وزهور‭ ‬الميموزا‭ ‬ملعبها‭ ‬الخاص‭.‬

ولآنها‭ ‬كانت‭ ‬حساسة‭ ‬للبيئة‭ ‬العطرية،‭ ‬قررت‭ ‬أن‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬صناعة‭ ‬العطور،‭ ‬وقامت‭ ‬بدراسة‭ ‬الكيمياء‭ ‬لمدة‭ ‬ست‭ ‬سنوات‭. ‬

فضولها‭ ‬وشغفها‭ ‬بالسفر‭ ‬قادا‭ ‬خطاها‭ ‬إلى‭ ‬ألمانيا‭ ‬لتعمل‭ ‬وتعيش‭ ‬هناك‭ ‬لمدة‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭ ‬ونصف‭ ‬ثم‭ ‬إلى‭ ‬دبي‭ ‬لمدة‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭.‬

العمل‭ ‬خارج‭ ‬بلدها‭ ‬كان‭ ‬نقطة‭ ‬تحول‭ ‬حملت‭ ‬الحظ‭ ‬الطيب‭ ‬لمسيرتها‭ ‬المهنية‭ ‬لتتابع‭ ‬حلمها‭ ‬لتصبح‭ ‬صانعة‭ ‬عطور،‭ ‬لكنه‭ ‬كان‭ ‬أيضا‭ ‬فرصة‭ ‬لفهم‭ ‬خلفيات‭ ‬ثقافية‭ ‬جديدة‭ ‬حول‭ ‬العطور‭.‬

ومنذ‭ ‬سبتمبر‭ ‬2020،‭ ‬أصبحت‭ ‬تعمل‭ ‬لدى‭ ‬تكنيكوفلور،‭ ‬عائدة‭ ‬مجددا‭ ‬إلى‭ ‬بروفانس،‭ ‬مسقط‭ ‬رأسها،‭ ‬وفي‭ ‬معظم‭ ‬الأحيان‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬العطور‭ ‬الفاخرة،‭ ‬منتجات‭ ‬العناية‭ ‬بالجسم‭ ‬والشموع‭ ‬للأسواق‭ ‬الفرنسية،‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬الإندونيسية‭ ‬والإفريقية‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬العدد،‭ ‬تمنح‭ ‬بيرينجير‭ ‬قراءنا‭ ‬نظرة‭ ‬عميقة‭ ‬على‭ ‬المكون‭ ‬الآسر‭ ‬في‭ ‬العطور‭: ‬الأرز‭ ‬الأطلسي‭.‬

الأصول‭ ‬المتواضعة

ينمو‭ ‬الأرز‭ ‬الأطلسي‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬في‭ ‬جبال‭ ‬شمالي‭ ‬أفريقيا،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬والجزائر،‭ ‬على‭ ‬ارتفاع‭ ‬بين‭ ‬1500‭ ‬و2500‭ ‬متر‭. ‬وقد‭ ‬يصل‭ ‬طول‭ ‬الشجرة‭ ‬إلى‭ ‬40‭ ‬مترا،‭ ‬وعرضها‭ ‬20‭ ‬مترا،‭ ‬وتعيش

بضع‭ ‬مئات‭ ‬السنين‭ ‬وأحيانا‭ ‬حتى‭ ‬2000‭ ‬سنة‭. ‬فروعها‭ ‬باللون‭ ‬الأخضر‭ ‬الفاتح‭ ‬له‭ ‬مسحة‭ ‬زرقاء،‭ ‬وتمتد‭ ‬أفقيا‭. ‬لهذا‭ ‬تسمى‭ ‬أيضا‭ ‬الأرز‭ ‬الأزرق‭. ‬يمكننا‭ ‬التحدث‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الأشجار‭ ‬تماما‭ ‬كأننا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬أشجار‭ ‬مهيبة،‭ ‬لدرجة‭ ‬أنها‭ ‬تظهر‭ ‬بشكل‭ ‬رمزي‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬لبنان‭. ‬بالنسبة‭ ‬للبنانيين،‭ ‬يعتبر‭ ‬الأرز‭ ‬رمزا‭ ‬للأمل‭ ‬والحرية‭ ‬والذاكرة‭. ‬يتم‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الزيت‭ ‬العطري‭

‭ ‬استخدام‭ ‬الأرز‭ ‬كرائحة‭ ‬أساسية‭ ‬تمنح‭ ‬دفعة‭ ‬لجميع‭ ‬الأخشاب‭. ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬يعمل‭ ‬بشكل‭ ‬جيد‭ ‬للغاية‭ ‬مع‭ ‬أرز‭ ‬فرجينيا‭ ‬أو‭ ‬ورق‭ ‬البردي‭ ‬أو‭ ‬نجيل‭ ‬الهند‭.  ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬الأسباب‭ ‬العديدة‭ ‬التي‭ ‬تجعلني‭ ‬أجدها‭ ‬مادة‭ ‬خام‭ ‬مثيرة‭ ‬للاهتمام‭ ‬للغاية‭. ‬أحب‭ ‬أيضا‭ ‬استخدامها‭ ‬في‭ ‬العطور‭ ‬الشرقية‭ ‬،‭ ‬لإبراز‭ ‬الجانب‭ ‬الشرقي‭ ‬وإعطاء‭ ‬القوة‭ ‬والشخصية‭ ‬للعطور‭.‬

لمحة‭ ‬سريعة‭ ‬على‭ ‬العطور‭ ‬‭ ‬توصي‭ ‬بيرينجير

الطلب‭ ‬على‭ ‬الأرز‭ ‬الأطلسي‭ ‬كبير‭  ‬جدا‭. ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬نجده‭ ‬في‭ ‬عطر‭ ‬سيدار‭ ‬أطلس‭ ‬من‭ ‬دار‭ ‬عطور‭ "‬لاتولييه‭ ‬كولونيي‭"‬،‭ ‬حيث‭ ‬يمتزج‭ ‬مع‭ ‬روائح‭ ‬منعشة،‭ ‬حمضيات،‭ ‬أخشاب‭ ‬وعنبر‭. ‬كذلك‭ ‬في‭ "‬عود‭ ‬مينيرال‭" ‬من‭ ‬توم‭ ‬فورد،‭ ‬بكمية‭ ‬كبيرة‭ ‬مختلطا‭ ‬مع‭ ‬الفلفل‭ ‬الأسود،‭ ‬ورق‭ ‬البردى‭ ‬وروائح‭ ‬بحرية‭ ‬قوية‭ ‬للغاية‭. ‬وفي‭ ‬عطر‭ "‬سانتال‭ ‬نوار‭" ‬من‭ ‬ديور‭. ‬ويتواجد‭ ‬الأرز‭ ‬الأطلسي‭ ‬بشكل‭ ‬أساسي‭ ‬في‭ ‬عطور‭ ‬الرجال،‭ ‬لكنه‭ ‬أحيانا‭ ‬يستخدم‭ ‬في‭ ‬العطور‭ ‬التي‭ ‬يستخدمها‭ ‬الرجال‭ ‬والنساء‭ ‬معا،‭ ‬العطور‭ ‬اليونيسيكس‭. ‬إنه‭ ‬مادة‭ ‬خام‭ ‬تذكرني‭ ‬برحلاتي‭ ‬الأولى‭ ‬إلى‭ ‬المغرب،‭ ‬وأيضا‭ ‬بسنواتي‭ ‬الثلاث‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬إنه‭ ‬الخشب‭ ‬الجاف‭ ‬الذي‭ ‬ترك‭ ‬لفترة‭ ‬أطول‭ ‬من‭ ‬اللازم‭ ‬في‭ ‬الشمس‭ ‬بجانبه‭ ‬الشبيه‭ ‬بالعسل‭ ‬واستخدامه‭ ‬المرن‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬العطور‭. ‬الكاتب‭ ‬الشهير‭ ‬أنطوان‭ ‬دو‭ ‬سانت‭ ‬اكزوبيري،‭ ‬الذي‭ ‬أحب‭ ‬الأرز‭ ‬كثيرا‭ ‬وأقام‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1935،‭ ‬كتب‭ ‬في‭ ‬روايته‭ "‬سيتاديل‭" (‬القلعة‭) ‬يقول‭: "‬السلام‭ ‬موجود‭ ‬عندما‭ ‬تكون‭ ‬الأشيا‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬أعظم‭ ‬من‭ ‬مجموعها،‭ ‬عندما‭ ‬تجتمع‭ ‬المعادن‭ ‬المتنوعة‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬لتصبح‭ ‬شجرة‭ ‬الأرز‭."‬

Read this post in الإنجليزية

Current Issue