Perfume

“إبتكار عطر هو تحدٍ حقيقي ..”

Read this post in الإنجليزية

ايميلي بوج، أستاذة صناعة العطر، تقاسمنا رؤي مثيرة للإهتمام حول ما يحفزها لكي تبتكر العطر المثالي وكيف يصبح كل ابداع رحلة.

لأني اتخذت خطواتي الأولى في عالم العطور منذ سنوات عمري المبكرة، في سن السابعة عشر، قررت أن يكون هذا هو طريقي المهني لأتعلم الحرفة المذهلة لصناعة العطر. الإنضام إلى مجموعة روبرتيه كان فرصة للإنطلاق إلى جنوب شرقي آسا، حيث عملت على شحذ قدراتي في التعرف على الروائح المثيرة لعطور الشرق الأقصى. مجموعة روبرتيه أرضية ممتازة للتدريب إذ تتيح لنا الفرصة للوصول إلى مجموعة كبيرة وثرية من المواد الخام الطبيعية وإمكانية العمل على مكونات حصرية.

إبداع عطر مسألة دائما تحمل تحديا. ففي البداة، آخذ وقتي في معرفة العلامة اتجارية، نطاقها، هويتها وقيمها. استخدمت عجلتنا العطرية حيث يتم تقسيم عطور العلامة على أساس العائلة العطرية، لتمنحني نظرة شاملة للروائح التي أحتاج إلى ابتكارها، تحسينها أو تجنبها. ثم، أحتاج إلى التعرف الكامل على ما يريده العملاء وما يتوقعونه من الإبداع الجديد. هل يريدون شيئا عصريا؟ مثيرا؟ معاصرا؟ غير تقليدي؟ أم أنهم يتطلعون إلى إنتهاج توجهات السوق الحالية؟

ووفقا لذلك، اختار المكونات التي سوف نحتاج إليها لنستخرج منها عطرا يحكي قصة وينجح في حمل العملاء إلى أرض بعيدة. استلهام المشاعر من خلال العطر جانب أساسي في هذا العمل. أعمل مع فريق تصميم لكي أتعرف على الآراء، وأقرأ بين السطور لكي ألبي توقعات العميل بقدر الإمكان. ففي النهاية، نحن نتلقي مختلف أنواع الأراء: كتب واحد تعليقا قصيرا بينما قدم آخر تعليقا طويلا وكاملا مع قصة مكتوبة مسبقا لكي يتحدث بشكل شامل عن التعبئة وتصاميم الزجاجة، وهو شيء يحمل بالفعل الكثير من التفاصيل والتعقيد. على المستوى الشخصي، أحب العمل على نوعين من المشروعات. هذا لأني أؤمن أن كل عمل مختلف عن الآخر، مما يجعل التحدي أكثر إثارة.

Perfume

كل ابتكاراتي تحتوي على قطرة من عطري الخاص، تجربتي، حالتي العقلية في هذا الوقت، مشاعري، شخصيتي. لدي فضول لا يشبع. أستوحي الفن بكافة أشكاله المتعددة: الأدب، النحت، الرسم والطهي أيضا. حتى السفر مصدر واضح لإلهامي، بكل التقاليد والعادات المحلية الكثيرة، المشي، اللقاءات المناقشات. مثل كل صانع العطر، لدي نقاط ضعفي تجاه مواد خام مختلفة، مكونات أشعر بثقة وراحة أكبر في العمل بها، وليس لأني غير واثقة من المكونات الأخرى، لكن لأن هذه المكونات تحديدا تتحدث إلي بوضوح أكثر، أفهمها وأجعلها ملك لي وأجد نفسي قادرة على العمل مع جوانبها المتعددة. كمثال على ذلك، أحب كل أنواع الورود، لكني أجد الوردة البلغارية مذهلة بشكل خاص. إن عطرها خالد ونبيل إلى حد كبير. يمكنني أن أعمل به بالكثير من الطرق المتنوعة، أضفي عليه إحساسا عصريا من خلال مزجه مع لمسة من الجلد، أحافظ عليه شابا بلمحة من الفاكهة أو أمنحه منحى متمردا بخلطه مع شيء معدني.

Perfume

أحب الأخشاب الأصيلة، الكثيفة مثل الباتشولي، لكني أيضا أهوى البخور والروائح الأكثر نهما. في الواقع، أنا أعشق الروائح النهمة مثل الفانيليا، الشوكولاته والكراميل. المهم فعلا ألا تكون أثقل مما يجب وأن أتوصل إلى الجرعة المناسبة اعتمادا على رأي العميل. أحتاج رأي فريقي في كل واحد من مبتكراتي، ردود أفعالهم ومشاعرهم مهمة بالنسبة لي. هل يلبي عطري الرأي؟ هل يناسب هوية العلامة؟

أود أن أشاطر قرائي حادثة مثيرة. هناك مرة أتذكر عندما طلبت مني واحدة من العلامات التجارية أن أبتكر عطرا يجمع بين الفاكهة والزهور. استخدمت خشب الأرز الأحمر من أجل أصالته كمادة خام وإحساسه الواضح والرائع في الوقت نفسه، كذلك لكثافته، قوته الطبيعية، أثيره الدنيوي العالي التأثير، والذي أجعله أكثر رقة بغلاف مخملي من الخوخ الإصطناعي. هذا المزيج من المكونات الطبيعية والإصطناعية يجسد بشكل مثالي علامتنا التجارية. كما أعتقد بالفعل أن العطر المصنوع فقط من روائح مصطنعة ليست له روح ولا قصة يحكيها، أو رسالة يتقاسمها. ولن يوحي بأي شعور غريزي. ومن أجل هذا الرأي المنتظر، أنتجت نحو 20 عينة للإختبار قبل أن أصل إلى الرائحة الصحيحة: أولا كانت خشبية أكثر من اللازم، لها جانب أرضي شبيه بالجذور. ثم أصبحت رائحة الفاكهة غالبة جدا حتى أنها خنقت نجيل الهند،  فجردته من كل تأثير الفاكهة والأخشاب المطلوب. كنت في حاجة للعثور على التوازن المثالي. قد تعتقدون أن هذا كله يبدو أكاديميا جدا ومملا، لكنه في الواقع العكس تماما.

في رأيي، من المثير العمل ثم العمل من جديد على العطر حتى نعثر على الصيغة المناسبة لما نتخيله. العثور على روائح تعكس الكلمات والأفكار عملية رائعة. لن أتعب مطلقا من عملي – هناك الكثير لكي نكتشفه ونتقاسمه، وأجد نفسي أتعلم أكثر فأكثر كل مرة. المكونات الطبيعية لديها الكثير من الأسرار التي لم استكشفها كلها بعد. هناك القليل من الغموض ما زال كامنا. تكنولوجيا وتقنيات اليوم تتيح لنا صقل الروائح، لكي نجعلها أكثر رقيا، عصرية وأناقة. هذه هي المهارات التي نستخدمها بكثرة لكي نبث الحياة في إبداعات العملاء، وهذا في حد ذاته يحفزني للغاية.

 

 

 

 

 

Read this post in الإنجليزية

Current Issue