Read this post in الإنجليزية
"رحلة الزنجبيل الطويلة" بأعين صوفيا بارديللي
تتحدث صانعة العطور في تكنيكوفلور عن جمال الزنجبيل وكيف أنه مكون رئيسي في بعض العطور الرائعة
الزنجبيل واحد من أروع المواد الخام في صناعة العطور، يحظى بتقدير كبير بسبب ثنائية صفاته: الدفء والنضارة. الزنجبيل نبات معمر موطنه آسيا، حيث ظل محل تبجيل لأكثر من 2000 عام بفضل خصائصه العلاجية وجاذبيته العطرية. تم نقل الزنجبيل من آسيا إلى مصر القديمة ثم لاحقا إلى روما واحتفل به لفوائده الطبية وصفاته المثيرة للشهوة الجنسية. وبحلول العصور الوسطى، رسخ الزنجبيل مكانته في عالم الأساطير والخرافات، وارتبط غالبا بالحيوية والرغبة. اليوم، يظل عنصرا أساسيا في صناعة العطور، ليجد مكانه في تركيبات تتراوح من العطور الرجالي الحارة والخشبية إلى تركيبات الحمضيات النابضة بالحيوية.
وللكشف عن أسرار هذا المكون الرائع، تحدثنا مع صوفيا بارديللي، صانعة العطور الخبيرة في تكنيكوفلور التي تشاطرنا رؤاها بشأن تعدد استخدامات الزنجبيل، دوره في العملية الإبداعية والذكريات التي تجعله مفضلا لديها.
برفيوم بلس: الزنجبيل له تاريخ طويل وحافل. ما الذي يجعله بهذه الخصوصية في صناعة العطور اليوم؟
صوفيا بارديللي: الزنجبيل فريد فعلا بسبب تعقده وتعدد استخداماته. إنه ليس مجرد بعد واحد، إذ يجمع الزنجبيل بين المكونات الحارة، اللاذعة والحمضية مع لمسة خفيفة من الأزهار. هذه الازدواجية تمنحه دفئا ونضارة معا مما يجعله مفضلا بين صانعي العطور. أحب كيف يمكنه أن يكون جريئا ومنشطا بينما يحمل مع ذلك أناقة مؤكدة. قدرته على التكيف مع مختلف التركيبات، سواء حارة، حمضية، زهرية أو حشبية هي ما تجعله مهما ومثيرا في صناعة العطور العصرية.
ب ب : ما هي في رأيك الجوانب الشمية للزنجبيل الأكثر سحرا؟
ص ب: الزنجبيل مثل الحرباء في عالم الروائح. لديه جذوره العاطرة البالغة الجمال والرقي. الجوانب الحارة واللاذعة يمكن التعرف عليها على الفور، لكنه يملك أيضا نضارة حمضية منشطة تشعر أنها ساطعة ومنعشة. فضلا عن ذلك، هناك ناحية خفيفة من رائحة الزهور التي تضيف طبقة غير متوقعة من الفخامة. هذه الصفات المتناقضة هي ما تجعل الزنجبيل مثيرا للإهتمام إلى هذه الدرجة – إنه منعش، جريء ورقيق في آن واحد.
\
ب ب : كيف تتعاملين مع الزنجبيل في ابداعاتك؟ ما هي المواد الخام التي تفضلين استخدامها معه؟
ص ب : الزنجبيل متعدد الاستخدامات بدرجة لا تصدق، وأحب "تشكيله" وفقا للتركيبة التي أعمل عليها. على سبيل المثال، غالبا ما أستخدمه مع الروائح الحمضية مثل البرجموت، الليمون أو الماندارين لتعزيز صفاته اللامعة الحادة. مؤخرا، ابتكرت رائحة "شاي" حيث يلعب الزنجبيل دورا محوريا في اضافة لمسة منعشة وحارة.
وللحصول على المزيد من العمق، أجمع الزنجبيل مع روائح حارة مثل الفلفل الوردي والهيل – فهو يخلق تناغما حيويا بينما يعزز انتعاش التركيبة. من ناحية أخرى، عندما أعمل مع روائح الزهور، يضيف الزنجبيل لمسة من الحداثة تحول دون أن ينبعث منها الإحساس بأنها تقليدية أكثر من اللازم. كما أحب استخدام الزنجبيل مع العنبر لخلق قاعدة دافئة وحسية. إنه يحقق توازنا وعمقا مع الحفاظ على الجاذبية لروائح الجنسين.
ب ب: هل يمكنك عرض بعض العطور الأسطورية التي تبرز الزنجبيل؟
ص ب : بالتأكيد! أحد أوائل العطور وأكثرها شهرة في تسليط الضوء على الزنجبيل هو عطر "ديكلاراسيون" (Declaration) من كارتييه. قدم هذا العطر عام 1998، وكان بمثابة احياء للأخشاب الحارة في صناعة العطور. تم جمع الزنجبيل مع الهيل، القرفة وخشب الأرز لخلق رائحة دافئة وجريئة.
عطر آخر مفضل عندي هو "فايف أوكلوك أو جينجمبر" (Five O’Clock Au Gingembre) من سيرج لوتان. إنه مبهر في تباينه، مع روائح عليا حمضية وروائح خفيفة داكنة حلوة تستحضر الدفء الحميم لشاي بعد الظهر. أخيرا، وليس آخرا، هناك "أكوا إليجوريا جنجر بيكانت" (Aqua Allegoria Ginger Piccante) من جيرلان. يقدم هذا العطر الجانب الحار للزنجبيل بينما يحافظ على شفافية راقية. يستخدم جنبا إلى جنب مع روائح زهرية خفيفة تخلق تقديما متوازنا وفاخرا للزنجبيل. هناك عطور تبرز كم يتميز الزنجبيل بالتكيف وتعدد الوجوه، كل منها يقدم منظورا فريدا حول صفاته.
ب ب: بعيدا عن صناعة العطور، هل يحمل الزنجبيل أهمية شخصية لديك؟
ص ب : نعم بالتأكيد! أنا عاشقة حقيقية للزنجبيل – بل قد أقول إني مدمنة زنجبيل. (تضحك) أحب الزنجبيل المسكر، إنه متعتي السرية. كما أستخدم الزنجبيل كثيرا في طهيي لأنه يضيف لمسة غريبة على الأطباق.
بالنسبة لي، الزنجبيل مرتبط بعمق برحلاتي، وهي جزء كبير من حياتي. لقد كنت سعيدة الحظ باستكشاف الكثير من الدول حيث الزنجبيل جزء لا يتجزأ من الثقافة، من أسواق الهند النابضة بالحياة إلى النكهات الرقيقة للمطبخ الياباني. كل مرة أستخدم فيها الزنجبيل، سواء في عطر أو وصفة طعام، يعيدني إلى هذه التجارب. إنه مادة خام تشعر بأنها شخصية ومثيرة للذكريات، وربما كان هذا هو السبب أني منجذبة له إلى هذه الدرجة.
ب ب : ما الذي يجعل الزنجبيل مكون "للجنسين" في نظرك؟
ص ب: الزنجبيل بطبيعته متعدد الاستخدامات، ولا يميل بشدة نحو المذكر أو المؤنث. في التركيبات الحارة، يمتزج بشكل جميل مع الخشب والعنبر، مما يجعله مناسبا بشكل طبيعي لعطور الرجال. لكن عندما يقترن بالزهور أو الحمضيات، يصبح مشرقا وأنيقا، وهو ما ينال اعجاب النساء. هذا التوازن يتيح للزنجبيل تجاوز حدود الجنسين التقليدية. أعتقد أن هذه واحدة من أعظم نقاط قوته – إنه عالمي ومميز في الوقت نفسه.
ب ب: كيف ترين مستقبل الزنجبيل في صناعة العطور؟
ص ب : أعتقد أن الزنجبيل سوف يظل مكونا محبوبا بسبب تعدد استخداماته وخلوده. صناعة العطور تتقدم نحو تركيبات أكثر حيوية وتعقيدا، وقدرة الزنجبيل على منح الطاقة، العمق والحداثة تجعله مكونا أساسيا. ونظرا لأن صانعي العطور يستكشفون طرقا جديدة لتسليط الضوء على جوانبه، أنا متأكدة من أننا سوف نشهد المزيد من الاستخدامات المبتكرة للزنجبيل في المستقبل.
بين أيدي صانع عطور ماهر مثل صوفيا بارديللي، يتحول الزنجبيل من جذر متواضع إلى قطعة فنية عاطرة. قدرته على تحقيق التوازن بين النضارة والدفء، الخفة مع الجرأة والتقاليد مع العصرية يضمن له مكانه في مجموعة أكثر المكونات أهمية في صناعة العطور. سواء لتعزيز لذعة الحمضيات، حرارة الأخشاب أو أناقة الزهور، طبيعة الزنجبيل الثنائية مستمرة في نيل الإعجاب وإلهام الأفراد. بالنسبة لصوفيا، أنه أكثر من مجرد مكون – إنه رحلة، ذكرى ومصدر إلهام ابداعي.
Read this post in الإنجليزية