Read this post in
الإنجليزية
مكون عطري له جاذبية عالمية
يغوص أولاف لارسن عميقا في التعقيدات الكثيرة للعنبر، المكون الفريد في صناعة العطور، خاصة وأنه واحد من المواد المفضلة لديه هو شخصياعندما تسأل أولاف لارسن، كبير صانعي العطور في يوروفريجرانس في دبي، عن مكون صناعة العطور الذي يحب استخدامه في ابداعاته، إجابته على الفور هي: “العنبر، بدون شك، مكون أنا شغوف به. لكني لست الوحيد الذي يحب رائحة هذه المادة الخام، إنها تتمتع بجاذبية عالمية حقيقية”. يضيف لارسن: “سيكون من الصعب أن تعثر على شخص يتجاوز عمره الخامسة عشر في أي مكان من العالم لا يحب رائحة العنبر. وعندما يستخدم في العطور الشرق أوسطية يكون أكثر روعة.” لقد نجح لارسن، الذي نال لقب أفضل صانع عطور العام الماضي في حفل توزيع جوائز عالم الجمال الشرق الأوسط لعام 2021، في إبهار لجنة التحكيم بثلاثة ابداعات تحتوي كلها على العنبر.”
الإغراء في زجاجة
العنبر، المعروف بإسم العنبر الرمادي، هو المكون الأبرز في مجموعة المكونات التي يستخدمها صانع العطر عند تصميم عطر يتميز برائحته الطازجة والمنعشة، مع طابع مستمد من البحار والمحيطات. وإلى جانب أنه يمنح العطر نضارة لا تصدق، فإن العنبر، عند إضافته إلى تركيبة العطر الراقي، له تأثير عميق على شعور الأشخاص. يتحدث صانعو العطور عن جاذبيته الحسية. أهم ما يتميز به العنبر هو قوة الإغراء.
من شاطيء البحر إلى معمل صانع العطر
العنبر، في صورته الطبيعية، مادة صلبة تخرج من حيتان العنبر بعد تناولهم الحبار العملاق. في شكله النقي، قد يعتقد المرء أن رائحة العنبر كريهة، لكنه مع الوقت يكتسب رائحة مقبولة مثيرة للإهتمام ذات طبيعة ترابية. كما يشير صانعو العطور إلى أنه من المدهش أن رائحة العنبر الطبيعي تشبه حظيرة للخيول، مع روائح التبغ والقش.
عندما يلقي البحر بأصل هذه المادة بشكلها الشبيه بالحجارة إلى الشاطئ فإن عملية العثور عليها تكون صعبة ومكلفة للغاية. يباع كيلو العنبر بسعر يتراوح بين 35 ألف إلى 50 ألف دولار. وبسبب هذه الأسعار الباهظة وحقيقة أن المادة الخام تأتي من حيوان ثديي بحري معرض للإنقراض، فإن صانعي العطور اليوم يعتمدون على العنبر الإصطناعي. تاريخيا، فإن العنبر الذي استخدم في صناعة العطور كان يستخرج عن طريق وضع المادة الخام لتنقع طوال شهور عدة في مادة مذيبة مثل الإيثانول.
مزايا العنبر الإصطناعي
هناك العديد من أنواع العنبر الإصطناعي المعروف من علامات تجارية مختلفة يستخدم بشكل موسع في ابتكار العطور. بعض هذه الأنواع تنتج بإستخدام التكنولوجيا الحيوية – أو استخدام العلم الطبيعي بدلا من المنتجات المشتقة من البترول – لكي تتميز بدرجة استدامة أفضل. في تركيبة العطر، قد تعني الإشارة إلى مادة “العنبر” وجود واحدا من هذه المكونات الإصطناعية، لكن قد تشير أيضا إلى رائحة مصنوعة من مكونات عنبر اصطناعية مختلفة، بعض روائح القش الجاف ومواد خام أخرى. بالحديث عن الاستدامة، يعتبر العنبر الإصطناعي الحل الوحيد ولم يعد أحد تقريبا يستخدم المادة الخام الطبيعية بعد الآن.
لقد أصبح العنصر الإصطناعي الاختيار الوحيد أمام صانعي العطور في كافة أنحاء العالم، لكن إلى جانب سجل بيئي حافل مهم للغاية، فإنه يوفر خصائص أكثر أهمية. فضلا عن كونه مكون سعره معقول أكثر بكثير من العنبر الطبيعي، فإن من مزاياه الأخرى الكبرى البارزة هي اتساق جودة هذا المكون. يقول أولاف لارسن: “المهم بالنسبة لنا، نحن صانعي العطور، هو أن نكون قادرين على ابتكار عطور يمكننا تكرار إنتاجها. عندما يشتري المستهلكون من جديد علامتهم التجارية المفضلة، يجب أن تلبي جودة العطر توقعاتهم في كل مرة.”
وبينما يمكن الوصول إلى العنبر الإصطناعي بشكل أكبر من حيث التكلفة، فإن إنتاجه معقد ويستهلك الكثير من الوقت. المادة الخام المستخدمة لإنتاج العنبر الإصطناعي هي غالبا المريمية المتصلبة ومنها يؤخذ مستخرج سكلاريول. ولكن نظرا لأن أفضل أنواع السكلاريول تأتي من روسيا، فإن سعر هذا المكون الكيميائي ازداد بشكل كبير خلال الشهور الأخيرة نظرا للتوترات الجيوسياسية في المنطقة.
العنبر في العطور الشرق أوسطية
يطلق على رائحة العطر الشرق أوسطي الأصلي “مخلط” وتعني “خليط من عدة مكونات”. ويحتوي المخلط التقليدي على المواد الخام التالية لصناعة العطور: الورد، الزعفران، خشب الصندل والعود، ولكن خلال الخمسة عشر إلى العشرين عاما الماضية شقت مكونات جديدة طريقها إلى هذا الخليط. العنبر أحد هذه المكونات الرئيسية، وقد جلب حداثة أكيدة إلى أيقونة ثقافية. بل يمكن أن نقول أن العنبر اعتبر بمثابة جسر بين عطور الشرق الأوسط والعطور العالم الغربي.
عاش أولاف لارسن، صانع عطور يوروفريجرانس، في دبي منذ عام 2015، لكنه يبتكر عطور شرق أوسطية على مدار أكثر من اثني عشر عاما. ويعترف لارسن أنه يضع العنبر تقريبا في كل عطر من عطوره، وأن عملاءه يشجعونه غالبا على استخدام المزيد من هذا المكون الساحر. ومع ذلك، فهو غير مستعد للكشف عن كيفية نجاحه في جعل رائحة هذا المكون منتشرة وطويلة الأمد إلى هذا الحد، مع الحفاظ في الوقت نفسه على تركيباته متوازنة بهذه الدقة. لا يمكننا إلا أن نخمن أن هاتين الخاصتين تتحققان بفضل وجود مكونات أخرى سرية، مما يثبت أن الأمر لا يتعلق فقط بإستخدام مكون رائع مثل العنبر، لكن يتوقف أيضا على المعرفة العظيمة وسنوات الخبرة الطويلة.
Read this post in
الإنجليزية
