Read this post in
الإنجليزية
عالم عطور فانيسا برودان
تستلهم فانيسا برودان ابداعها من رحلاتها، لتترجم الذكريات إلى روائح مثيرة للمشاعر
في هذا الحوار الحصري مع مجلة برفيوم بلس، تشاركنا فانيسا برودان، صانعة العطور في أرجفيل، كيف تركت رحلاتها، التقاليد التي تعرفت عليها والمذاق الذي تعرفت عليه آثارها على ابداعاتها، كل عطر قصة تنتظر من يسردها.
برفيوم بلس: بدأت رحلتك في ريف نورماندي الفرنسي الهاديء. كيف أشعلت هذه التجارب المبكرة شغفك بإبتكار العطور؟
فانيسا برودان: أثناء طفولتي، كثيرا ما كنت أذهب للسير في الغابات مع أسرتي. وامتلك جدودي حديقة مليئة بالزهور والخضروات. وقد كثف المناخ الرطب لنورمادي روائح الطبيعة – كنت أستطيع أن أشم رائحة الأرض الرطبة، الأوراق التي يعلوها الندى، الزهور المتفتحة والفاكهة الحمراء الناضجة.
استمتعت بركوب الخيل في الغابة وما زلت أذكر المزيج العطر من الوحل، عرق الخيل والسرج الجلدي. البيئة الغنية بالروائح كانت دائما مهمة عندي. لذلك، عندما اكتشفت أن هناك وظيفة متخصصة في ابتكار الروائح، شعرت أنها رائعة.
برفيوم بلس: لقد درست صناعة العطور في المعهد العالي الدولي للعطور، منتجات التجميل والمنتجات العطرية الغذائية، ثم عملت لاحقا في البرازيل. كيف شكلت هذه البيئات المتنوعة منظورك الإبداعي؟
فانيسا برودان: اكتشفت مجموعة متنوعة من الروائح: أنفاق مترو باريس، الكستناء المشوي في الشوارع الكبيرة، أسواق ساو باولو الاستوائية المليئة بالفواكه والبهارات، والنضارة المتألقة لليمون المر البرازيلي.
أدى التكيف مع أماكن جديدة، حياة المدينة ولقاءات جديدة إلى ظهور مشاعر نضرة. لقد حصلت على وظيفة أحلامي، وفجأة شعرت أن كل شيء ممكن تحقيقه. لقد أدركت أن الفضول دافع قوي للنمو الشخصي. إخلاصي لم يساعدني فقط على اكتساب خبرة، لكنه أيضا شحذ قدرتي على تقديم ملخص تجربتي بدقة في العطر.
برفيوم بلس: السفر يمثل في الغالب محفزا للإلهام. هل هناك وجهة محددة أثرت بعمق على خيالك في العطور أو عملية ابداعك؟
فانيسا برودان: من الصعب اختيار وجهة واحدة – كل ذكرى مكان ورحلة تبقى طويلا.
الأحدث، لكن ليست الأقل بأي حال، كانت رحلتي إلى سكوتلندا، مكان حملني عبر الروائح وما زال يلهمني.
في الهايلاندز، كان نبات الخلنج يفرش البرية المكسوة بالضباب كأنه بساط ممتد، والروائح البحرية تمتزج مع الزهور البرية لتخلق جوا ساحراً. وبنفس القوة كانت روائح الويسكي المنبعثة من المصانع، والمنتشرة عبر سكوتلندا من الغرب إلى الشرق.
وقت أن يسرد عميل قصة تثير ذكرى ما، استمد منها لخلق عطر حسي يحكي قصة – قصة آمل أن يتردد صداها عميقا مع الآخرين كما يحدث معي. وفضلا عن الأماكن التي زرتها، أحب أيضا أن أتخيل أماكن سوف أستكشفها لاحقا. فهي، بدورها، مصدر للإلهام.
برفيوم بلس: هل تحاولين اكتشاف مواد خام جديدة خلال رحلاتك؟
فانيسا برودان: عند زيارتي منطقة جراس لأول مرة اكتشفت جمال المواد الخام المحلية: الورد، الياسمين، مسك الروم الدرني، زهرة الأبدية الذهبية، الميموزا، اللافندر والمريمية.
في سريلانكا، سرت عبر مزارع قرفة وشاي، تعرفت على كل مرحلة – من الحصاد إلى استخراج الزيت – قبل أن تصبح المواد الخام مناسبة لصناعة العطور. في الهند، زرت وحدة إنتاج للعود، وشهدت العملية بأكملها، واكتسبت تقديرا عميقا للصبر والخبرة اللازمين للحصول على هذه المادة الخام الثمينة.
برفيوم بلس: الشرق الأوسط يمتلك ارثا ثريا من العطور. ما هي العناصر من المنطقة التي وجدت طريقها إلى عملك، سواء من حيث المكونات أو سرد القصة؟
فانيسا برودان: تراث الشرق الأوسط العطري ثري بشكل لا يصدق وممتد الجذور عميقا في التاريخ. لقد تعلمت فهم التفضيلات المحلية من خلال الخروج إلى الناس والعمل عن قرب مع فريقنا المتفاني في مكتب أرجفيل في الشارقة، بالقرب من دبي.
أستمتع بإبتكار عطور فاخرة – مازجة البهارات، الزهور، الأخشاب ولمسات مكثفة من الجلد أو العود. أنتبه جيدا دائما للكثافة والاستمرارية. مع الوقت، تعلمت أن أوازن بدقة بين الزعفران، الأخشاب الجافة والبخور لكي أواكب الجماليات المتميزة في المنطقة.
برفيوم بلس: هل اكتشفت طقوسا أو عادات متعلقة بالروائح تلهمك بطريقة مفاجئة؟
فانيسا برودان: تختلف طقوس الروائح كثيرا من منطقة لأخرى، لتعكس التفضيلات المحلية. كل مكان على وجه الأرض له طريقته الخاصة في تناول الشاي، وهو ما ألهمني استكشاف تنويعات لا حصر لها. قد يثير الجانب العشبي في الوجدان أوراق الشاي، اللمسة اللبنية للفانيليا تستدعي للذاكرة الماتشا لاتيه، في حين تحملنا الرائحة الدخانية إلى الشاي الأسود. لقد وسعت مؤخرا هذا الاستكشاف مع رائحة الشاي بجذور القلقاس، التي تحمل لمسة من الحبوب والحلاوة، متميزة عن غيرها.
في البرازيل، يشجع المناخ الحار على الاستحمام كثيرا، وإعادة وضع العطر مرة بعد مرة، مما يجعل الروائح الخفيفة هي المفضلة. في الشرق الأوسط، العطور القوية أساسية، مرتبطة بشدة بالثقافة، الدين والمعايير الاجتماعية.
في أوروبا، العطر بمثابة اكسسوار للملابس – تعبير عن الأناقة الشخصية – لذلك تتنوع الأشكال العطرية. في آسيا، حيث العطور أكثر رقة، تلعب منتجات الشعر المعطرة دورا رئيسيا في روتين الحياة اليومية ومن المتوقع أن تدوم طوال اليوم.
برفيوم بلس: يتقاسم فن طهي الطعام وصناعة العطور رابطة حسية عميقة. هل سبق أن ألهمتك تجربة طهي أثناء رحلاتك رائحة شهية أو انفعالية تظهر في عملك؟
فانيسا برودان: باعتباري عاشقة طعام فضولية، تؤثر المذاقات المحلية بقوة على ابتكاراتي. اكتشفت طرقا متعددة للإستمتاع بجوز الهند في البرازيل واستخدامات مختلفة للزعفران في أطباق الشرق الأوسط. هذه التجارب أوحت لي باعادة ابتكار هذه النكهات في العطور، من خلال التجربة لتسليط الضوء على الجوانب المختلفة من رائحة ما.
على سبيل المثال، يمكنني أن أعمل بجوز الهند في أشكاله المائية، المرطبة، جانبه اللبني الكريمي أو أحوله إلى حلوى مشوية مكرملة بجوز الهند المبشور. أعرف أن العطر مناسب عندما أشعر بأنه حقيقي، لدرجة أنه يمكنني الشعور بمذاقه.
أحيانا أترجم ذكريات المذاق لدى أشخاص آخرين، عندما أعيد ابتكار المتعة التي يشتاق إليها عميل أرجفيل الذي تذوق لأول مرة كريب سوزيت في باريس. أسرت روائح الشراب الكحولي بطعم البرتقال الحلو والزبدة المكرملة الانطباع التاريخ الذي تركته في النفس.
برفيوم بلس: هل هناك أي مبتكرات من أرجفيل لها صلة خاصة بمكان سبق لك زيارته، حيث شكلت ذكرى أو منظر طبيعي بشكل مباشر الرائحة النهائية؟
فانيسا برودان: من أجل مجموعة "بريما" التي قدمت لصالح "هاوس أوف نويا"، ابتكرت عطري "وينتر صن" و"ميدنايت ميلودي" بحرية ابداع تامة، وكلاهما مستوحى من ذكريات شخصية أثناء السفر.
أحدهما يعيد للأذهان دفء الهند مع مسك الروم الدرني، حليب جوز الهند وخشب الصندل، في حين يأسر الآخر الأناقة الحميمة لنادي في لندن، مع روائح الخشب، الجلد والتبغ. هدفي كان تقاسم لحظات خاصة اختبرتها أثناء سفري.
برفيوم بلس: مع توسع أرجفيل عالميا، كيف تقوم الأسواق العالمية – خاصة المناطق الحساسة نحو العطور مثل الشرق الأوسط وآسيا – بتشكيل اتجاهك الإبداعي؟
فانيسا برودان: ساعدتني التقارير الإقليمية الداخلية، التبادلات المنتظمة مع الفرق في مراكزنا الدولية، والرحلات العارضة في اكتساب خبرة قوية. اتصالاتنا المحلية في دبي، بانكوك ومؤخرا في فيتنام تقوم كثيرا بتقديمنا إلى منتجاتهم الخاصة بهم والمعروضات الجديدة مما يتيح لنا الفرصة لتوسيع معرفتنا وتوجيهنا في مشروعاتنا الإبداعية.
برفيوم بلس: ما هي الرسالة التي تحبين تقاسمها مع قراء برفيوم بلس؟
فانيسا برودان: السفر ألطف طريقة لتجربة الحياة، توسيع آفاق المرء، واكتشاف وجهات نظر جديدة. عن طريق مقابلة الأشخاص، يستمتع الإنسان بتجارب ثرية لا تنسى. لكن أيضا من المهم جدا معرفة من أين يأتي المرء لاعتناق إرثه الثقافي وتحقيق أقصى استفادة منه.
Read this post in
الإنجليزية