Read this post in الإنجليزية
أن تكون سيرج لوتان
هناك سيرج لوتان واحد فقط ولن يكون هناك آخر أبدا. من المستحيل تقريبا على أي شخص أن يكون فنان ماكياج، مصور، صانع أفلام، مصمم أزياء ومصمم عطور وأن يتميز في كل واحد من هذه المجالات. إذن كيف هو الحال أن تكون سيرج لوتان؟ كريزي كورتوي تساعدنا على اكتشاف هذا الأمر.
كريزي كورتوي: فنان ماكياج، مصور، صانع أفلام، مصمم أزياء ومصمم عطور، كل ابتكاراتك وابداعاتك أحدثت ثورة في مجتمعنا لنفتح أمانا عالما غريبا وصاحب رؤية. كيف أصبح تصميم العطور واضحا لك؟
سيرج لوتان: هذه الأنشطة، هذه “التبادلات” تمحورت فقط حول محور واحد: الصورة، خاصة صورة “امرأتي”. عندما أقول “امرأتي” فأنا أعنى هذه المرأة التي منذ سن العقل، من خلال التشريب البطيء، طاردتني. كما أنها كانت الطريقة التي يمكن منح الصوت صوتا، ومن خلال ذلك نجعل له اتساقا ووجودا.
الابتكار أمر سلبي لكنه يبعث فينا النشاط والحياة. من الشعر إلى أدوات التجميل ثم إلى التصوير، لقد جعلت من هذه الفكرة الأنثوية الخاصة، منذ سن السادسة عشر، أداتي الموسيقية. لقد كانت “مادتي”، المادة التي أجسدها في شكل مثالي. لقد كانت عنيفة لكن نزاهتها أصبحت بمثابة سلطة علي.
من عام 1968 حتى 1980، ابتكرت وصنعت أدوات تجميل لشركة ديور. طبيعتي، التي كانت عكس ذلك، كادت تضعني على الهامش، لكنها سلطت الضوء أيضا على سلوك حازم، يتوقعه أصحاب السلطة الرجولية بقدر ما تتوقعه الداعيات لدعم المرأة. لقد فعلت الشيء نفسه مع شيسيدو لكني وصلت بالتعبير إلى حد أكبر.
في التسعينات، عندما تعرضت الصورة التي اقترحتها للتشكيك، اهتزت طبيعة حياتي نفسها. كنت أبحث عن تتابع، رابط، يد ممدودة، حبل لإنقاذي من الغرق أو حتى شنقي! إن لم أكن أرغب في الموت والغرق في اللاوجود، كان على المواجهة.
من هذا الماضي المشتعل الذي أصبحت عليه حياتي، استطعت فقط أن أستبعد الأمور الأساسية: النار، وبعدها ولد من جديد من رماد هذه القصة شكل آخر: ابتكار لغة تستخدم فيها الروائح، جسر بين الصورة والكلمات، انحدار طويل لكن طريق اجباري.
الكلمة الفرنسية (s’écrire) التي تعني “اكتب لنفسي” لها جناس ناقص هو كلمة (s’écrier) والتي تعني صرخة لطلب النجدة. هذه الصفحة الجديدة في تاريخي تتحول إلى صفحة العطر، التي ولدت مع عطر “فيمينيتيه دي بوا” عام 1992. حقق هذا العطر للسيدات والرجال نجاحا كبيرا وأصبح معيارا تقريبا لكل العلامات التجارية التي استلهمت تركيبته، بشكل مقبول بطريقة أو أخرى، في مجموعة موادها الخاصة المستخدمة في عطورها.
ك ك: لقد أغوتك اليابان، فما كان تأثيرها على ابداعاتك؟
س. ل.: اليابان محتضنة دون أن تعلن عن نفسها، وقبل وقت طويل من لقائي بها. هذه الرحلة عام 1971 اجتذبت اهتمامي فقط من خلال تأكيد هذا الجزء من ذاتي. اليابان تجسد رموز الصرامة، السيطرة، الانضباط والالتزام بالحد الأدني. خلال الفترة نفسها، تعرفت على المغرب واعتدت عليها، وهي نقيض لها. الوفرة والغناء والموسيقى كانت نسمة من حسية لا يمكن كبتها، تنبع من اضطرابي المأساوي .. هذان المتناقضان هما بلا شك جزءا من نفسيتي.
ك ك: النجاح الذي حققه العطران “نومبر نوار” و”فيمينيتيه دو بوا” حتى أصبحا رمزا أحدث هزة كبيرة في أكواد الرائحة في صناعة العطور. يمكننا أن نقول إن هناك مرحلة سابقة وأخرى لاحقة على هدذين العطرين بسبب جرأتهما الفنية. ما الذي بدأ هذا التحول؟
س ل: إنها قصة طويلة. عندما ذهبت إلى فيرمينيش لإجراء دراسة لمدة 10 أيام عام 1980، كان “نومبر نوار” منتهيا، بشكل ما. التركيبة العطرية لم تكن يومها موضوعي: من شكله، من مظهره الخارجي، كان “نومبر نوار”، من خلال لونه الأسود غير اللامع على خلفية سوداء لامعة، يحدد بالضبط عصرا جديدا من الفخامة في صناعة العطور.
بعد عشر سنوات، ظهر عطر “فيمينيتيه دو بوا” الذي ابتكرت تركيبته. في هذا الوقت، لم تكن الرائحة محددة بالكامل. لم تعد المكونات تكشف عن نفسه لكنها غطت الهوية. ومع قوة انتاجه المتكرر، ونجاحه المستمر، لم نعد نشعر بمزاياه إلا من خلال “عدم البيع”.
كان “فيمينيتيه دو بوا” عطرا دقيقا ومحددا، يمكن التعرف عليه. لقد تركت الخشب يتحدث: الرائحة خشبية بنسبة تزيد على 60%. كانت الرائحة الخشبية تقتصر حتى ذلك الوقت على “أدامز” في التسويق. الخشب من أجل الرجال! كان الكثيرون يخبرونني أنه مع “فيمينيتيه دو بوا” وجدوا أخيرا عطرا يناسبهم ويتحدث إليهم!
ك ك: في كلمات قليلة، هل يمكنك أن تعطينا تعريفك للعطر.
س ل: العطر يمنح الصور صوتا، للإنتقال من العالم الصامت إلى العالم المقترح، من أجل الوصول إلى عالم الكلمة المكتوبة.
ك ك: كيف تصف، من وجهة نظر الرائحة، المغرب، مصدر إلهامك؟
س ل: لو أني لم أقم عام 1968 بهذه الرحلة إلى المغرب، ما كنت لأقترب أبدا من العطور. العالم العربي لم يكن ما يسمى بالعالم “الشرقي”. ولكي يكتسب قدسية في صناعة العطور من خلال عطر “آمبر سلطان” كان لابد من ضرب عش النمل، وفي الوقت نفسه افتتاح مدرسة. وجزئيا بفضل اضطراب حواسي، تمكنت منظمة من جوهر المواد والرائحة، من توجيهي على هذا الطريق المزدرحم المتعلق بالعطر.
ك ك: ما هو في رأيك مستقبل صناعة العطور؟
س ل: عندما تعرف أن الكوكب يعاني من ارتفاع درجة حرارته، أن الحرب على باب بيتك، وأن عدم اليقين بلغ ذروته، فإن عطر الغد لن يكون شيئا آخر غير ما يتم تصوره باعتباره شكلا من أشكال الملكية السرية.
Read this post in الإنجليزية