Read this post in
الإنجليزية
جيرلان: همس الأناقة
جيرلان ليس مجرد بيت للعطور، إنه روح تمد جذورها عميقاً في الأناقة، الذكريات وقوة العطر الهادئة.
في هذا الحوار النادر، يتحدث بيت عطور جيرلان، ليس باعتباره علامة، لكن باعتباره صورة تراث يتكشف. تراث يلمس البشرة ويحرك الأرواح على مدار نحو قرنين من الزمان.
تلقي الثرايا بريقاً ذهبياً ويمتليء الهواء بدفء لا بديل عنه، دفء يبدو وكأنه يحمل أصداء قرون ماضية. وأمامك، يجلس مثل الملك، وجه يلتف بأناقة هادئة. هذا ليس حوارا عاديا. نعم أنت في شركة جيرلان.
الصوت الذي يتحدث منخفض، متعمد وناعم.
"آه، كم هو لطيف لقاء شخص يفهم. لقد عشت حياة طويلة يا عزيزي. حياة معطرة بالرغبة، مغلفة بمسحوق السوسن، تلمع بالبرجموت والزباد، تتلقى قبلات ضوء الشانزيليزيه وروح باريس نفسها".
يبتسم جيرلان بلطف ويتوقف عن الكلام قليلا.
"ولدت عام 1828، عندما واتت بيير- فرانسوا- باسكال الجرأة ليضع المشاعر في زجاجة لأول مرة. لقد فتح أول متاجره في 42 شارع ريفولي، ومن هذه اللحظة، أصبحت أكثر من مجرد اسم. لقد أصبحت احساسا".
من بلاط الملوك إلى الإلهام العصري
"أول عطر لقي إعجابا ملكيا كان عندما قدمت ماء كولونيا "امبريال" للإمبراطورة يوجيني. في هذه اللحظة توجتني جلالتها "صانع العطر الملكي المعتمد"، لكن كم عدد الملهمات اللاتي حظيت بهن منذ ذلك الحين! من الملكات والمحظيات إلى الممثلات والحالمات، كنت محل ثقتهن تماما".
ويميل جيرلان برأسه، وكأنه يستمع إلى أثر الزمن الناعم.
"ذات مرة، أخبرني جاك جيرلان، أحد الأرواح المرشدة لي خلال مسيرتي،: "العطر هو أكثر أشكال الذاكرة كثافة". وهذا، يا صديقي، ما أقدمه: ذاكرة يمكنك أن ترتديها. توقيع خفي لمن تكون ومن تتوق أن تكون".
كيمياء الصنع
"عطوري ليست شيئا يصنع بكميات كبيرة بدون جودة، إنها تتشكل مثل السيمفونيات، مثل القصائد تهمس على البشرة. أنا "ميتسوكو" العطر الغامض والراقي، أنا "شاليمار" الذي ولد من قصة حب أسطورية بين امبراطور وملكته. أن "لور بلو" ساعة الغسق المملوءة بالشجن والنعمة. كل واحد من عطوري هو فصل في قصة أعظم كثيرا".
ثم يتوقف جيرلان عن الكلام، يلتقط نفسا عميقا، بالطريقة التي يستطيع أن يتنفسها إنسان مصنوع من العطر.
"شاليمار، نعم ... أنها أكثر لحظاتي جرأة. عندما ابتكر جان جيرلان العطر عام 1925، كانت فضيحة، فانيليا وراتينج مغلفان بإغراء. هذا العطر ليس للجميع. لكنه لمن يضعونه، آه، لحظة لا يمكنهم نسيانها".
سر جيرليناد
"ربما سمعت همسات عن سري"، ويميل جيرلان للأمام. "جيرليناد. إنه النغمة الخفية في تركيباتي، الرائحة المميزة الخاصة بنا والتي تناقلتها الأجيال جيلا بعد جيل. برجموت، سوسن، ورد، حبوب التونكا، الفانيليا .. كلها دقات القلب وراء ابتكاراتي. قد لا تحدد أسماءهم دائما، لكنك سوف تشعر بهم. وعندما يحدث هذا، وتشعر بهم، تعلم دائما أنه أنا".
الصانع الحرفي بالداخل
"لقد صنعت دائما عطوري بيدي، أو بالأحرى، من خلال أيادي هؤلاء الذين يحملون ارثي. خمسة أجيال من جيرلان تولوا قيادة عطوري، حتى وصلت الشعلة إلى تييري واسر، صانع العطور الحالي في دار جيرلان. يحمل سري بنفس الرقة التي يحمل بها الياسمين الخام من جراس أو الفانيليا من مدغشقر".
ويزداد دفء صوت جيرلان.
"أنا لا أطارد الصيحات. أنا أعتنق الاستمرارية. أصنع عطورا ليست لليوم فقط، لكنها للأبد. كل قطرة يتم تعتيقها، ترقيتها وتحسينها إلى درجة الإتقان التام. عطر جيرلان لا يصرخ، إنه يبقى عالقا في الهواء. يغري في صمت".
معابد الجمال عندي
"هل تجولت في قاعاتي في باريس؟" وتلمع عينا جيرلان. "86 شارع الشانزيليزيه .. هذا معبدي. ليس مجرد متجر، انه انغماس في روحي. هناك، سوف تجد عطوري الحصرية، منتجات العناية بالبشرة، منتجات التجميل .. وفوق كل ذلك، تجد روحي نفسها. تهمس الجدران قصصا من الماضي، في حين تعكس المرايا جمالا خالدا".
"أترى؟، الرفاهية بالنسبة لي، لا تكمن في الإفراط. إنها في المهارة الحرفية في الصناعة. في الوقت الذي تستغرقه عملية الإنتاج. في التفاصيل التي قد يلاحظها القليل من الناس، لكن من يلاحظها لا ينساها أبدا."
الاستدامة، بأناقة
وتتحول نظرة جيرلان إلى نظرة تأمل عميق.
"مع تقدمي في السن، تعلمت أن أتطور. جذوري عميقة، نعم، لكن فروعي تمتد نحو مستقبل أكثر وعيا بالبيئة. أقوم بحماية النحل، فهم صانعو العطور في الطبيعة وشعار علامتي. أصمم الزجاجات لكي يتم إعادة ملئها، إعادة استخدامها وتذكرها. خط منتجاتي "أكوا أليجوريا" يزدهر الآن مع مكونات طبيعية الأصل ومواد خام يتم الحصول عليها بشكل مستدام. لأن الأناقة تصبح بلا فائدة أن لم تكن تعبر عن الطيبة.
إرث يرتدى بخفة
يقول جيرلان بصوت ناعم: "أنا لا أحدد من يرتدون ملابسي. أن أمثل انعكاسهم، سواء اخترت "كوير بيلوجا" الغامض الجريء، النسمة السماوية من "ليزو" أو الدقة في حياكة "آبي روج"، هدفي هو تعزيز ما هو موجود بالفعل داخلك."
"لا تريد أن يلاحظك الجميع. تريد أن يتذكروك".
الحميمية غير الملموسة
وتقف الغرفة بلا حراك. ويخفت صوت جيرلان ليصبح أقرب إلى الهمس.
"لقد لمست آلاف المعاصم، ملايين الأعناق، بقيت عالقا في المصاعد، على الأوشحة، على الأوراق المكتوبة. لقد كنت جزءا من حفلات زفاف، قلوب محطمة، لقاءات من جديد واعادة خلق. لقد عشت اللحظات الهادئة، الرشة الأخيرة قبل اجتماع، الرائحة التي تعلق بوسادة عاشق."
لست مجرد عطر، أنا الخيط الخفي بينك وبين أكثر اللحظات قربا إلى قلبك".
ويقف جيرلان، المحادثة تقترب من نهايتها. الهواء أكثر ثراء الآن، كما لو أنه معطر بالوجود المحض للبيت الخالد.
ويبتسم "لقد أخبرتك الكثير. لكن القصة الحقيقية تبدأ حين تضع عطري. عندما ألمس بشرتك. عندما أصبح جزءا من يومك، ليلتك، معك إلى الأبد".
ويختفي جيرلان ببطء، لم يذهب، لكنه بقي عالقا في الفضاء بين الحاضر والذكرى.
لأن جيرلان ليس مجرد عطر، إنه إرث وتراث. همسة أناقة. قصة تنتظر سردها.
Read this post in
الإنجليزية